فرحة .. العصفور الحزين

فرحة .. العصفور الحزين


كانت شجرة " التوت " .. تقع بجوار بيت " رؤى " الريفي .. ، حيث كانت تأتي إليه في إجازة نهاية الأسبوع بصحبة أسرتها .. ، وما تكاد تصل إلى البيت حتى تذهب مسرعة إلى شجرة " التوت " !! .. ثم تعود وقد ارتسمت على وجهها الطفولي البريء علامات السعادة !! .. مصحوبة بابتسامة جميلة ..، تزيد من سعادة والديها اللذين يرمقانها بنظرات ملؤها الحب والحنان .. ، وعقول متعجبة من هذا الحب الكبير الذي ملأ قلب " رؤى " الصغير لشجرة " التوت " .. مما دفع الأب إلى سؤال ابنته عن سبب كل هذا الحب لهذه الشجرة .. فكانت إجابتها على غير ما توقع أبيها حيث قالت : يا أبي.. إنني أحب شجرة " التوت " نعم .. ولكن حبي الأكبر لعصفورتي الجميلة .. التي بنت عشها الهادئ الصغير بين أغصان شجرة " التوت " .. ، فأنا أذهب لأرى عصفورتي الجميلة في أثناء الإجازة مرة في الصباح حين تغدو .. ومرة في الغروب حين تعود ..

واستمرت " رؤى " في حديثها عن ذكرياتها مع عصفورتها .. حتى استوقفتها أمها بأن طلبت منها الذهاب إلى غرفتها .. لتغيير ملابسها .. الظاهر عليها آثار السفر ..، لتتمكن من الخروج مع الأسرة في رحلة ممتعة بين الحقول .. ، يتبعها الذهاب إلى بيت " العم " .. حيث تتناول الأسرة وجبة الغداء في ضيافة العم كالمعتاد ..!

عادت " رؤى " بعد الغروب بقليل إلى بيتها .. وقبل الدخول إلى البيت .. ذهبت لترى عصفورتها .. ، وكانت المفاجأة !

- عصفورتي .. لماذا تبكين ؟ !

- تنظر إليها عصفورتها وقد امتلأت عيونها الصغيرة بالدموع .. ولا تستطيع الرد .. فقد احتبس صوتها ..

- يزداد قلق " رؤى " وخوفها على عصفورتها .. وتعيد السؤال بلهفة وتعجب .. :

لماذا تبكين ؟!

أرجوك أجيبي ..

-أجابت العصفورة بصوت متكسر ! حزين ! .. : فرخي الصغير لم أجده في العش عند عودتي .. ، وذهبت لأبحث عنه بين أغصان الأشجار .. وبين الحقول .. وأسفل الأشجار .. فلم أعثر له على أثر ..

-تساءلت " رؤى " : أيستطيع التحليق ؟

-قالت العصفورة : لا .. فهو في مرحلة التدريب على التحليق ..!

-سمعت " رؤى " صوت أخيها " عمر " يستدعيها إلى البيت ..

-فأجابت " رؤى " بصوت حزين .. : لن أستطيع المجيء .. ! وأترك عصفورتي .. فهي بحاجة إلى مساعدتي في البحث عن صغيرها ..

-أقبل " عمر " مسرعاً ومتسائلاً : ماذا حدث ؟

-قصت عليه " رؤى " .. ،

-صمت " عمر " قليلا ثم صاح : " آه " تذكرت .. اليوم وأنا أقف مع أصدقائي بجوار بيتنا .. لفت نظري صعود " عوضين " جارنا إلى شجرة " التوت " .. وقد ظننته سيقطف من ثمارها الطازجة .. ثم يعود إلينا بها .. ولكن خاب ظني .. حين رأيته يهبط مسرعاً .. ماسكاً بيده عصفوراً صغيراً .. ثم أسرع به إلى بيته حيث تابعته بنظراتي متعجباً ..!!

-" رؤى " : إذن .. هيا بنا إلى منزل " عوضين " لنسترد العصفور الصغير ..

-طرق " عمر " باب " عوضين " ..

- تجيب والدة " عوضين " : من بالباب .. ؟

-أنا " عمر " جاركم .. يا خالتي .. عوضين موجود ؟

-" أم عوضين " نعم .. تفضل .. من هذه ؟

-" عمر " : هذه أختي " رؤى " .. وهذه العصفورة صديقتها ..!!

-أقبل " عوضين " من غرفته .. : أهلا وسهلاً يا " عمر " خيراً ..

-" عمر " : خيراً إن شاء الله .. نريد العصفور الصغير .. لنعيده لأمه .. فهي كما ترى في حالة بكاء مستمر ..

-" عوضين " : لا .. لا .. لن أعيده .. فأنا أحب العصافير .. وأعتني بها .. وقد وضعته في قفص خشبي .. ووفرت له الحبَّ والماء .. ماذا يريد أكثر من ذلك ؟

-" عمر " : يريد حريته ؟

-يريد حضن أمه ؟

-" عوضين " : هذا لا يهم .. طالما أنه يأكل ويشرب ..!

-" أم عوضين " : ماذا تقول يا بني .. ! هل تقبل أن تنـزع منك حريتك وتسجن في غرفة يتوافر فيها المأكل والمشرب .. وتحرم من أمك .. وتحرم أمك منك ؟

-" عوضين " : لا .. ولكن هذا طير .. لا إحساس له .. !!

-" أم عوضين " : لا يا بنيّ .. هذا مفهوم خاطئ .. انظر إلى أمه .. لم تنقطع دموعها .. !! اذهب يا بنيّ وأحضر العصفور لأمه .

-" عوضين " بصوت حزين : ها هو ذا ..

-" رؤى " : الحمد لله .. اعطني إياه يا " عوضين " ..

تفضلي يا عصفورتي ..

-تبكي أمه ( العصفورة ) : وتكاد أن تعصره من شدة احتضانها له .. !!

-" رؤى " : لماذا البكاء .. ! وقد عاد إليك صغيرك .. ؟

-العصفورة : إنها دموع الفرح .. شكراً لله .. ثم شكراً لك يا " رؤى " وشكراً لك يا " عمر " ..

وانطلقت العصفورة الأم .. وهي تحمل صغيرها .. فرحة .. مغردة .. يشاركها صغيرها الفرحة .. فقد عادت إليه حريته .. وعاد إلى حضن أمه ..

لا تنسوا الردود